الصين في "حالة تأهب قصوى"، حتى من قبل قمة كامب ديفيد التي دعت اليها واشنطن، وهذه القمة هي الأولى من نوعها، وشارك فيها رئيس كوريا الجنوبية، يون سوك يول، ورئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، بجانب الرئيس الأميركي، جو بايدن، وكان الملف الرئيسي فيها التنسيق فيما بينهم من اجل مواجهة المارد الصينى. كما وافق المجتمعون على إنشاء خط ساخن ثلاثي جديد للأزمات، وعلى الاجتماع سنويا في المستقبل.
بالتأكيد بكين تعارض الممارسات التي تؤدي إلى تفاقم المواجهة، وتعرض الأمن الاستراتيجي للدول الأخرى للخطر، واجتماع الجمعة قد يؤدي إلى تحالف عسكري سيضر بكين.
جاءت القمة بعد شهور من جهود دبلوماسية بذلتها الإدارة الأميركية للجمع بين حليفيها، اليابان وكوريا الجنوبية، بعد اشتعال خلافات بينهما حول ميراث الحرب العالمية الثانية، ورغم خلافات البلدين، إلا أنه يجمع بينهما مصالح مشتركة تخص قلقهما من صعود الصين، وترسانة الأسلحة الروسية والكورية الشمالية. وبدون ادنى شك فأن إعلان تعميق العلاقات الدفاعية بين واشنطن وطوكيو وسول هو "استفزاز واضح" للصين، وكذلك لكوريا الشمالية.
كما ان فكرة إنشاء "ناتو آسيوي" يعمل على تقويض حركة الصين في المنطقة ويضع أسلحة إستراتيجية قرب حدودها هو بمثابة إعلان حرب على بكين.
ما يحدث يشبه التطورات التي تفاقمت قبل حرب أوكرانيا، وبالرجوع للوراء نجد أن هذه الحرب اشتعلت بسبب إعلان أوكرانيا نيتها التخلي عن الحياد ما استفز روسيا وأثار قلقها من أن يكون لحلف الناتو قدم عند حدودها باستغلاله لأراضي أوكرانيا.
اليابان وكوريا الجنوبية سيجلبان لنفسيهما أزمة كبيرة إذا كونوا حلفا عسكريا، وقد تتخذ الصين إجراءات عقابية ضدهما. أما أميركا، فإنها بتحركاتها هذه تشعل المنطقة، وتعبث بالسلام والاستقرار الموجودين فيها.
حتى الآن، لا يوجد حلف ناتو آسيوي رسمي لمواجهة الصين. فكرة إنشاء حلف عسكري آسيوي مشابه لحلف شمال الأطلسي (ناتو) لا تزال ضمن إطار النقاش والتحليل الاستراتيجي.
مع ذلك، هناك بعض التحركات والتعاونات الأمنية بين دول آسيوية معينة لتعزيز قدرتها على التصدي للتحديات الأمنية في المنطقة، بما في ذلك التحديات التي تطرحها الصين. على سبيل المثال، هناك مبادرة "رباعية الديمقراطية" (Quad) التي تجمع الهند والولايات المتحدة وأستراليا واليابان، وتهدف إلى تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي والسياسي بين هذه الدول.
من المهم ملاحظة أن تشكيل حلف عسكري آسيوي متطلب توافقًا سياسيًا واقتصاديًا بين الدول المعنية، وهذا ليس أمرًا سهلاً. هناك تحديات جيوسياسية واقتصادية وثقافية وتاريخية تعترض تشكيل تحالف مشابه في المنطقة.
مع ذلك، فإن إنشاء حلف ناتو آسيوي يتطلب توافقًا سياسيًا واقتصاديًا شاملًا بين الدول المعنية، وهذا أمر يمكن أن يستغرق وقتًا طويلاً وقد لا يتحقق على الفور. من المهم أيضًا ملاحظة أنه يوجد توتر وتنافس معقد بين الدول في المنطقة، والذي يمكن أن يؤثر على إمكانية تشكيل تحالف آسيوي موحد.
مع تغير الظروف الجيوسياسية والاقتصادية، يمكن أن تتغير الأوضاع في المستقبل. لذا، ينبغي متابعة التطورات الجارية في المنطقة لمعرفة ما إذا كانت هناك خطط لتشكيل حلف ناتو آسيوي أو أي تحالف آخر لمواجهة الصين.
إن تقدير فائدة إنشاء حلف ناتو آسيوي لمواجهة الصين يعتمد على عدة عموامل وهناك آراء مختلفة بشأن فعالية هذا النوع من التحالفات في التعامل مع التحديات الأمنية المعقدة.
من الناحية الإيجابية، قد يساعد حلف ناتو آسيوي في تعزيز التعاون الأمني بين الدول الآسيوية وتوحيد الجهود لمواجهة الصين فيما يتعلق بالقضايا الأمنية والاقتصادية والسياسية. قد يوفر التحالف منصة للتعاون العسكري والاستخباراتي والتكنولوجي بين الدول الأعضاء، وبالتالي يعزز القوة الجماعية لمواجهة التحديات الصينية.
من الجانب السلبي، قد يؤدي إنشاء حلف ناتو آسيوي إلى زيادة التوترات الإقليمية وتصعيد المنازعات القائمة، وقد يؤدي إلى ردود فعل سلبية من الصين وتعزيز حالة من عدم الاستقرار في المنطقة. قد يتسبب في تعقيد العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين الدول المشاركة والصين، وقد يكون له تأثير سلبي على التبادل التجاري والاستثمار والتعاون الاقتصادي.
بشكل عام، يجب أن يتم تقييم إمكانية إنشاء حلف ناتو آسيوي بناءً على الظروف والمصالح الاستراتيجية للدول المعنية، والتوافق السياسي والاقتصادي بينها، وتقييم المخاطر والفوائد المحتملة. ينبغي أيضًا أن يتم النظر في خيارات أخرى لتعزيز الأمن والتعاون في المنطقة، مثل الشراكات الثنائية والمبادرات الإقليمية المشتركة.
نعم، تواجه الدول الآسيوية مجموعة واسعة من التحديات الأمنية في المنطقة. وتختلف هذه التحديات من بلد لآخر وتعتمد على العوامل الجغرافية والسياسية والاقتصادية والتاريخية. وهناك العديد من المشاكل الأمنية الرئيسية التي تواجه الدول الآسيوية حيث تشهد بعض المناطق في آسيا توترات إقليمية مستمرة، مثل التوترات في شبه الجزيرة الكورية، والنزاعات حول بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي، والنزاعات الحدودية بين الهند وباكستان والهند والصين.
كما تشهد بعض دول آسيا تهديدات إرهابية مستمرة، مثل التحدي الذي يواجهه جنوب آسيا من الجماعات المتطرفة والنشاط الإرهابي في جنوب شرق آسيا وشبه القارة الكورية. بالإضافة الى ما تواجهه الدول الساحلية في آسيا من تحديات بحرية مثل القرصنة والتهريب والتهديدات الأمنية في المياه الإقليمية.
هذا اذا اضفنا الى ما سبق التحديات الاقتصادية والاجتماعية، مثل الفقر والتهميش الاجتماعي والنزاعات الاجتماعية والعرقية والدينية، والتحديات البيئية مثل تغير المناخ ونقص الموارد المائية.
هذه مجرد بعض التحديات الأمنية التي تواجه الدول الآسيوية، وتشير إلى أن التحديات متنوعة ومعقدة. يتطلب التعامل مع هذه التحديات تعاونًا فعّالًا على المستوى الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات داخلية لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، ليس منها السعي لانشاء تحالف عسكرى موجه الى دولة مثل الصين بما تمثله من ثقل اقتصادي وعسكرى كبير.