Loading...
رئيس مجلس الإدارة
د.حاتم صادق

المصرى اون لاينبوابة خبرية متخصصة

رئيس التحرير
قدري الحجار

سيرك سياسي في اسرائيل
الدكتور حاتم صادق

الدكتور حاتم صادق

من يتابع تفاصيل المشادات والخلافات داخل حكومة الحرب الإسرائيلية (الكابينيت) يمكن ان يكتشف بوضوح حجم الالاعيب البهلوانية التي يؤديها كل طرف داخل الحكومة لتحقيق مآربه.. المشهد الرئيسي يؤكد أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يسعي بكل جهده في المحافظة علي حكومته المصغرة في ظل عدم تحقيق مكاسب تذكر في الحرب علي حماس، في الوقت الذي يتعرض فيه لضغوط هائلة من جانب الجناح المتشدد الذي يمثله رئيسا الحزبين القوميين المتطرفين في الحكومة، وزير المالية بتسلئيل سموتريش رئيس حزب “الصهيونية المتدينة” ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، رئيس حزب “عوتسما يهوديت”، اللذان تعهدا بإسقاط الحكومة إذا تبنت اتفاق إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار الذي اقترحه الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وفي حقيقة الأمر فإن الاقتراح هو في الأصل مبادرة من نتنياهو لحلحلة الموقف المتأزم، لكنه فضل أن يكون صادرا علي لسان بايدن لرفع الحرج عنه امام المتشددين في حكومته الذين يطالبون بمحو "حماس" من غزة سواء تم الاتفاق علي الافراج عن الرهائن الاسرئيليين أم لا، وهذا بالضبط ما لا يجده سموتريش وبن غفير في الاقتراح محل البحث. وعلى النقيض من رد فعل اليمين المتطرف، دعا رئيس حزب “الوحدة الوطنية” والوزير في كابينت الحرب بيني غانتس إلى عقد جلسة لكابينت الحرب في أقرب وقت ممكن “لصياغة خطوات للمضي قدما تنفيذ الاقتراح باعتبار ان الحرب لا يمكن ان تستمر للابد.
ويبدو أن نتنياهو قرر هو الأخر التلاعب بزعيمي اليمين المتطرف بعد ان حجبا عنهما تفاصيل الاقتراح، لدرجة ان بن غفير اعلن في مؤتمر صحفي انه لن يبقي في حكومة تبقي علي حماس، وانه لا يستطيع ابداء الرأي في الاقتراح لان رئيس الوزراء يحجب عنه معظم التفاصيل خاصة المتعلقة بانهاء الحرب في غزة ومستقبل حماس… خطوة نتنياهو تؤكد انه يسعي للحفاظ علي حكومته وكبح جماح التيار المتشدد في الكابينيت، آملا ان يكتفي بن غفير وسموتريش برفض الاقتراح عندما يتم التصويت عليه دون الانسحاب من الائتلاف الهش.
نتنياهو بالفعل يعيش أسوأ كوابيسه، فشركاءه اليمنيين في الحكومة يحتلان 14 مقعدا في قائمة واحدة في انتخابات عام 2022، ويلعبان دورا حاسما بالنسبة للأغلبية الحاكمة في الائتلاف الأساسي المكون من 64 عضوا، واي خروج من الائتلاف سقوطا مدويا للحكومة، فضلا عن فتح الباب امام محاكمة نتنياهو سياسيا وجنائيا..
علي كل حال الاعيب السياسين هناك لم تنتهي ، فقد كرر زعيم المعارضة يائير لابيد قبل يام تعهده بتوفير شبكة أمان سياسية لنتنياهو، لضمان عدم سقوط حكومته بسبب الاقتراح الامريكي، لكن حزب لبيد، “يش عتيد”، لن يقدم الدعم للائتلاف في قضايا أخرى. وقال لبيد إن إسرائيل “يجب أن تبرم هذه الصفقة الآن… قبل أن يموت الرهائن في غزة".. والجميع لا يترك فرصه للمزايدة فلبيد اعتبر إن تهديدات بن غفير وسموتريتش بالانسحاب من الحكومة تمثل تخليا عن الأمن القومي الإسرائيلي والرهائن وسكان الشمال والجنوب. وأضاف “هذه الحكومة هي الأسوأ والأكثر تهورا في تاريخ البلاد. وبالنسبة لهم -اليمين المتطرف-، يمكن أن تكون هناك حرب إلى الأبد. صفر مسؤولية، صفر إدارة، فشل كامل". وزعيم المعارضة يري ان سقوط نتنياهو لن يفتح الباب امامه في انتخابات مبكرة، لكنه سيمنح المتطرفين ثقلا اكبر في أي احتكام جديد لصناديق الاقتراع، لذا فإن بقاء نتنياهو في المشهد السياسي افضل للابيد، بدلا من ان يسقط فريسة سهله لليمين المتطرف هناك.
على نفس الطريق يسير حزب شاس، أكبر شريك في ائتلاف حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذى يشغل 11 مقعدا في الكنيسيت، حيث اكد إنه سيقدم "الدعم الكامل" لاتفاق محتمل لتحرير الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس حتى لو كان ذلك يستلزم "خطوات بالغة التأثير" في استراتيجية الحرب على غزة. وهى ضربة قوية لشريكى نتنياهو بن غفير وسيموريش.
وبنفس النهج فكر حزب بيل غانتس الذي انضم إلى الائتلاف الحاكم بعد أيام من هجوم حماس في 7 أكتوبر، وهدد ايضا بالانسحاب إذا لم يتخذ نتنياهو سلسلة من القرارات الاستراتيجية بشأن الحرب بحلول 8 يونيو. ومع ذلك، لا يشغل حزب غانتس سوى ثمانية مقاعد، وبالتالي يستطيع نتنياهو الاحتفاظ بالسلطة بدونه، لكنه لن يتمكن من القيام بذلك لفترة طويلة من دون حزبي اليمين المتطرف.
نتياهو قد يشاهد بأم عينه سقوط حكومته في أي لحظة، وربما يزداد الأمر سوء اذا تم محاكمته جنائيا في قضايا فساد سابقة، وسياسيا بعد كارثة ٧ أكتوبر، ولكن يبقي سيرك الالاعيب السياسية التي يتقنها ساسة إسرائيل هي الفيصل في البقاء في السلطة من عدمه.



تواصل معنا