Loading...
رئيس مجلس الإدارة
د.حاتم صادق

المصرى اون لاينبوابة خبرية متخصصة

رئيس التحرير
قدري الحجار

تحديات امام قمة بريكس
الدكتور حاتم صادق

الدكتور حاتم صادق

حملت قمة بريكس التي احتضنتها دولة جنوب افريقيا العديد من الرسائل المهمة اكثرها واهمها للولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية.

اخطر تلك الرسائل ما أكده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بان التخلص من الدولار كعملة عالمية مسألة لا رجعة عنها. فضلا عن ان المجموعة ستعمل على إيجاد آليات تسوية مالية أفضل، بعيدا عن الآليات الغربية، لأن دول "بريكس" أصبحت تتخفف من ارتباطها بالدولار.

أيضا اطلاق بنك التنمية الجديد (التابع للمجموعة) الذي أصبح بديلا موثوقا عن المؤسسات المالية الغربية، وله دور مهم في تعزيز الترابط الاقتصادي بين دول المجموعة.

الإشارة الى ان التعاون بين مجموعة بريكس قائم على الاحترام المتبادل، والاستثمار في دول المجموعة زاد بمعدل 6 أضعاف.

لا يمكن فهم تلك الرسائل بمعزل عن التوقيت بالغ الحساسية الذى عقدت فيه القمة وسط توترات إقليمية ودولية غير مسبوقة في محاولة من دول المجموعة للإسهام في رسم خريطة تحالفات العالم لما بعد الحرب الأوكرانية الروسية، ايمانا منها بان العالم بعد تداعيات تلك الحرب لن يكون كسابقه.

وتتميز مجموعة بريكس بأنها تضم دولًا كبيرة في العالم من حيث السكان والاقتصاد والمساحة الجغرافية، وتمثل معظم النمو في العالم. كما أنها تضم دولًا ذات تعدد ثقافي ولغوي واختلافات كبيرة في الاقتصاد والتنمية، مما يجعلها مجموعة متنوعة ومتعددة الأبعاد.

وتتمحور أهداف مجموعة بريكس حول تعزيز التجارة والاستثمار وتعزيز التعاون السياسي والدبلوماسي بين دولها الأعضاء. وتهدف المجموعة أيضًا إلى تعزيز الاستقلالية المالية وتطوير البنية التحتية للدول الأعضاء وتعزيز التنمية المستدامة. وتعتبر المجموعة أيضًا منبرًا للدول النامية لإيجاد حلول للقضايا العالمية وتعزيز دورها في المحافل الدولية.

وتشكل مجموعة بريكس قوة اقتصادية كبيرة، حيث تمثل هذه الدول ما يقرب من 42٪ من سكان العالم وتولد نحو 23٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وتعد الصين هي الدولة الأكبر اقتصاديا في المجموعة، تليها الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا وروسيا. وتتميز مجموعة بريكس بأنها تعتمد على العملة الوطنية في التجارة بين دولها الأعضاء بدلاً من الدولار الأمريكي.

وتعد إجراءات التجارة الحرة والاستثمار تشكل جزءًا هامًا من أهداف مجموعة بريكس. وتمتلك المجموعة برنامجًا للتجارة الحرة يهدف إلى تعزيز التجارة بين دولها الأعضاء وتوفير فرص للأعمال والاستثمارات. وتخطط المجموعة أيضًا لإنشاء بنك للاستثمارات المشتركة وصندوق للاحتياطي الاحتياطي لتعزيز التعاون المالي وتمويل المشاريع التنموية في الدول الأعضاء.

بالنسبة لمصر تمثل المتغيرات الاقتصادية التي يشهدها العالم حاليا، فرصة للانضمام إلى مجموعة بريكس، التي يعتبرها البعض التحالف المضاد والمنافس المستقبلي لمجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى، على الرغم من أن المجموعة لم تتحول إلى تكتل اقتصادي وسياسي قوي ينافس الغرب وحلفاءه حتى الآن.

وفي وقت يواجه العالم فيه تحديات اقتصادية كبرى، تحاول مصر أن تبحث لاقتصادها عن حلول مستدامة، وتطمح القاهرة للانضمام إلى مجموعة "بريكس" باعتبارها أحد أهم التجمعات الاقتصادية على مستوى العالم، لا سيما عقب المتغيرات الاقتصادية العالمية التي تتوالى منذ جائحة "كوفيد-19" وأزمة سلاسل الإمداد، وما تلاها من ارتفاعات في أسعار الطاقة والحبوب، وأخيرا تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية المتدحرجة حتى الآن، ولا يستطيع أحد أن يتوقع موعد انتهائها.

ويوفر الانضمام فرصا اقتصادية كبيرة، لا سيما على صعيد التنمية والتجارة والاستثمار، حيث تعمل "بريكس" من خلال إحدى مبادراتها على تحويل التبادل التجاري بعملات بديلة قدر الإمكان، سواء أكانت وطنية أو عملة مشتركة يُعمَل على إنشائها. وتبني الحكومة آمالا عريضة للحصول على تمويلات وقروض منخفضة التكلفة وبشروط ميسرة، يمكن معها تخفيف الضغط على الاقتصاد المصري.

إضافة إلى رغبة بعض الدول الساعية للانضمام إلى "بريكس"، مواجهة الأزمات الدولية، المتمثلة في الغذاء والطاقة والديون والمناخ.

وفى حقيقة الامر فقد أثبتت مجموعة "بريكس" حضورها في السياسة العالمية وقدرتها على دفع النمو الاقتصادي العالمي والابتكار، وهي تسعى لتطوير نموذج حوكمة عالمي موحد وبناء، وإطلاق عملة مشتركة تعزز تأثيرها وترسخ مكانتها كقوة عالمية رائدة، ذات وزن تفاوضي قادرة على منافسة مجموعة السبع.

وتعمل المجموعة، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، على إعادة تشكيل النظام العالمي وتحويل مركز النفوذ من "الشمال" إلى "الجنوب"، حيث تلقت في السنوات الأخيرة عشرات طلبات الانضمام إلى التحالف في مسعى للتخلص من هيمنة الدولار وإيجاد بدائل اقتصادية وتمويلية فاعلة وأنظمة تجارية أكثر تنوعا واستقلالية.

على الرغم من التباينات الجمة بين دولها الأعضاء، نجحت "بريكس" في فرض نفسها كمنتدى لمعالجة القضايا العالمية الحرجة مثل التجارة والتمويل وتغير المناخ وأمن الطاقة. وشهدت تحولات سياسية واقتصادية كبيرة عززت ديناميكيتها وفرص انتقالها إلى مصاف قطب عالمي جديد.

ويشكل تحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء أحد أهداف المجموعة البينية، لتنمية بناها التحتية وتعزيز فرص النمو القائم على الابتكار والتكنولوجيا المتقدمة وتنمية المهارات. كذلك، تسعى الدول الأعضاء إلى توفير سبل فاعلة لمنح القروض وتبادلها وتقديم الدعم والمساندة في ما بينها في وقت الأزمات على نحو يتم فيه التحرر من قيود الاقتراض من المؤسسات المالية والدولية التي يسيطر عليها الغرب. كما تعمل على اعتماد العملات المحلية في تسوية المدفوعات البينية وخارج المجموعة، مما يعزز التجارة البينية ويقلل الاعتماد على الدولار.

عالميا، تسعي"بريكس" لتعزيز مكانتها كقوة اقتصادية عالمية ذات وزن تفاوضي قادرة على منافسة مجموعة السبع (G7) التي  تستحوذ على 60 في المئة من الثروة العالمية، كمقدمة لإيجاد نظام اقتصادي عالمي متوازن ثنائي أو متعدد القطب، يكسر الهيمنة والتحكم في رسم السياسات الدولية العامة، ويحسن بيئة الاستثمار العالمي.

تستهدف "بريكس" في هذا الإطار تحقيق إصلاح المنظمات الدولية لجعلها كذلك بكل معنى الكلمة، بدءا بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمنظمات المنبثقة مثل صندوق النقد والبنك الدوليين، وإعادة النظر في القواعد التي تحكم توزيع حقوق التصويت في هاتين المنظمتين لتعزيز مشاركة دول الاقتصادات الناشئة.

وعلى قائمة أولويات المجموعة يأتي تفعيل التعاون الدولي لحل أزمات مشتركة مثل ترشيد استخدام الطاقة، ومكافحة التغيرات المناخية والحد من أخطار الكوارث الطبيعية، وتعزيز التعاون في العلوم والتعليم والبحوث الأساسية والتطور التكنولوجي، ومكافحة الإرهاب وتسوية الأزمات الدولية، وفي مقدمها الملف النووي الإيراني.

على ارض الواقع فقد أصبحت "بريكس" بفضل مؤسساتها التمويلية متنفسا وعامل جذب، خصوصا لدول الجنوب، للحصول على قروض داعمة لمشاريع الاستثمار أو لتغطية حاجاتها من السيولة، ابتعادا عن شروط الإقراض القاسية للمنظمات الدولية والإقليمية.

في المقابل تواجه مجموعة بريكس تحديات عديدة، من بينها التباين الكبير في التنمية والاقتصاد بين دولها الأعضاء والتحديات الكبرى في مجال الأمن والاستقرار السياسي في بعض الدول الأعضاء.

ولكن تبقى اهم التحديات التي تواجه توسع "بريكس" مرهون بثلاثة أمور: الأول، قوة الضغط الأميركي لعدم انضمام الدول المرشحة إلى تجمع غير متحالف مع النظم الاقتصادية الغربية، خصوصا أن عددا من الدول الراغبة في الانضمام لا تزال في حاجة إلى مساعدات المؤسسات الغربية المتنوعة. الثاني، عدم إثارة نزاعات جديدة، وبالفعل أن قبول أعضاء جدد يحمل معه موارد وفرصا إضافية، لكن هناك دائما مخاوف من تأثير الخلافات بين الأعضاء ومع المصالح الخارجية. أما الثالث، فيتمثل في تأمين المواقف السياسية والاقتصادية بين دول المجموعة. فتركيا المرشحة لعضوية "بريكس" مثلا، هي عضو في حلف الناتو، الأمر الذي قد يزيد التعقيدات حول مدى تقارب وجهات النظر في حال قبول العضوية.

 

 

 

 

 



تواصل معنا