Loading...
رئيس مجلس الإدارة
د.حاتم صادق

المصرى اون لاينبوابة خبرية متخصصة

رئيس التحرير
قدري الحجار

الجبهة اللبنانية ..
الدكتور حاتم صادق

الدكتور حاتم صادق

هل إسرائيل جادة في فتح جبهة الشمال على مصرعيها والدخول في نزاع عسكرى غير محدود مع الدولة اللبنانية او بالأحرى مع حزب الله الذراع العسكرى الايرانى هناك؟ .. الإجابة على هذا التساؤل تحتاج الى إعادة النظر في مجمل الأوضاع الإقليمية والدولية فضلا عن الداخل الإسرائيلي الذي يعانى من تداعيات يوم السابع من أكتوبر.

المعضلة الحقيقية التي تواجهها إسرائيل تتلخص في سياسة وحدة الجبهات التي فرضتها ايران منذ السابع من أكتوبر، بعد ان حرمت الشعب الإسرائيلي من الشعور بالأمان. وتبعا لوجهة نظر تل ابيب فانه لا يمكن ان يظل سكان إسرائيل عرضة لصواريخ ومسيرات تاتي من لبنان شمالا، والعراق شرقا، اليمن جنوبا في نفس التوقيت لمجرد ان ملالي ايران ارادو ذلك. بالتالي فان توحيد الجبهات يلزمه تحرك سياسي وعسكري لفصل تلك الجبهات او اخمادها بشكل او آخر عاجلا او آجلا. اخطر تلك الجبهات هي لبنان وحزب الله الذي يمتلك اكثر مما ينبغي ليضج به مضاجع الإسرائيليين، لذلك يصر صناع القرار السياسي والعسكري في إسرائيل علي ان الوصول الي ما يسمي باليوم التالي في غزة مرهون بمستقبل حزب الله في جنوب لبنان

الوضع الحالي الذي اوجده حزب الله في الشمال في الأشهر الأخيرة بات يستلزم تغييرا أساسيا في الأولويات الأمنية وأهداف الحرب بالنسبة لتل ابيب. فالحرب وحدها لن تكون الحل خاصة انه تم تجريبها بكل الطرق سابقا بداية من الهجمات الحدودية وصولا الي اجتياح بيروت واحتلال أجزاء كبيرة من العاصمة اللبنانية. كما ان حربا واسعة النطاق لإزالة تهديد حزب الله ستتطلب عملية عميقة ومعقدة للغاية في الأراضي اللبنانية وغالبا ستواجه برفض وسخط دوليين.

علي ارض الواقع فان لبنان او الجبهة الشرقية بالنسبة لإسرائيل تمثل ملعبا مثير للاهتمام حتي لو كانت لم تحقق فيه نجاحات كبري، فضلا عن ان هذا البلد يمر بأوضاع استثنائية سواء كانت اقتصادية او سياسية، قد لا يكون من المفيد التورط فيه حاليا. إقليميا فالظروف ربما لا تكون مواتية بالنسبة لإسرائيل لشن تلك الحرب، خاصة ان ايران سبق وان تدخلت قبل شهرين لأول مرة في استهداف إسرائيل مباشرة بالصواريخ والمسيرات، ولن يمنعها من إعادة التجربة اذا لزم الامر في حال نشوب نزاع عسكري علي الأراضي اللبنانية. دوليا ، تسببت التجاوزات الإسرائيلية أثناء حربها على قطاع غزة في تراجع الدعم الأمريكي والغربي لها، حتي ان الأمم المتحدة وقبلها المحكمة الجنائية الدولية قد وضعت إسرائيل وقادتها في قوائم سوداء ومطلوبين جنائيا في سابقة هي الاولي من نوعها منذ نشأت الدولة العبرية.

التصور الاستراتيجي لإسرائيل بعد احداث السابع من أكتوبر لمواجهة سياسة توحيد الجبهات، كان يتلخص في ان الحاق هزيمة بحماس أولا في غزة مع مشاهد الدمار المروعة، سيجبر حزب الله علي الموافقة على ترتيب سياسي من شأنه أن يدفع قوة رضوان النخبة التابعه للحزب في الجنوب وصواريخها المضادة للدبابات شمالا، إلى نهر الليطاني تقريبا، على بعد حوالي 10 كيلومترات من الحدود الإسرائيلية بمجرد حدوث ذلك. لكن الأمور تدحرجت الي ازمة اكبر واعمق لإسرائيل عندما نجحت مسيرات تابعة لحزب الله في التقاط صور عالية الدقة وفيديوهات لاماكن عسكرية حساسة في إسرائيل، لمدة طويلة دون ان تعترضها أي صواريخ للقبة الحديدية. بعدها أصبح حزب الله، هو التهديد الرئيسي الذي يجب على إسرائيل إزالته على وجه السرعة. ليس فقط لأن حزب الله أفرغ الجليل الشمالي من سكانه، مما تسبب في دمار هائل وحرائق في المنطقة، ولكن أيضا لأنه يحتجز حوالي 50000 إسرائيلي هم سكان الشمال كرهائن لا يستطيعون العودة إلى منازلهم حتى يسمح لهم حسن نصر الله في لبنان وعلي خامنئي في ايران.

الجيش الإسرائيلي، مأزم بشكل كبير في قطاع غزة فرغم اهوال الحرب الا ان الأهداف التي تحققت علي الأرض تكاد تكون معدومة .. وعلى عكس تنبؤات الجيش الإسرائيلي، فإن لقطات الدمار في القطاع لا تردع حزب الله وراعيه الإيراني. والدليل على ذلك هو تصعيدهم للهجمات الانتقامية بعد كل ضربة جوية إسرائيلية في جنوب لبنان. وسيزداد هذا الاتجاه سوءا عندما تحصل إيران على أسلحة نووية أو القدرة على إنتاج مثل هذه الأسلحة مستقبلا.

النتيجة التي باتت واضحة وفاضحة للاسرائيليين هي انه إذا لم تنه إسرائيل هذا الصراع بانتصار حاسم يعيد ردعها، ليس فقط تجاه حزب الله ولكن أيضا تجاه إيران، فقد تواجه هجمات متكررة في السنوات المقبلة تهدف إلى إرهاق إسرائيل عسكريا، واقتصاديا واجتماعيا، مما يؤدي إلى انهيارها الداخلي.

ولكن دخول إسرائيل في حرب واسعة النطاق في الشمال لن يحدث دون دعم أمريكي مضمون من جميع الأنواع. لا يشمل ذلك المساعدات الدبلوماسية واللوجستية فحسب، بل يشمل أيضا المساعدة في اعتراض وابل الصواريخ والطائرات بدون طيار التي من المتوقع ان تمطر سماء إسرائيل من إيران ولبنان والعراق واليمن.. وهذا الامر محل شك كبير خاصة في عام الانتخابات الامريكية.

ويبقى الحل السياسي المؤقت هو الأكثر للواقع في حال فشلت إسرائيل في ردع حزب الله ، فانه سيكون من الأفضل لها التوصل إلى اتفاق الآن على غرار قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، الذي أنهى حرب لبنان الثانية، وإعداد وتجهيز جيش الدفاع الإسرائيلي بطريقة تسمح له بالتعامل بنجاح وسرعة مع تهديد إيراني مشترك بين حزب الله في غضون بضع سنوات. وفى كل الأحوال لن تحقق إسرائيل حتى انتصارا جزئيا في الحرب الإقليمية الاستراتيجية المستمرة دون شراكة الولايات المتحدة ومشاركتها النشطة.

لذلك البعض يعول على خطاب بنيامين نتنياهو القادم في الكونجرس باعتباره سيرسم خريطة طريق لمستقبل المنطقة، لانه سيسعي هناك الى التوصل إلى اتفاقات واضحة وملزمة مع الأمريكيين والإدارات السياسية للحصول على ضمانات موثوقة بمواصلة سير الحرب بعيدا عن لعبة الانتخابات ، حتى لو كان يتطلب تنازلات مؤلمة باعتبارها الطريق الوحيد لتحقيق انتصار استراتيجي في الحرب الدائرة الان.



تواصل معنا